حول العالم

كتاب المسرح البوليفوني.. فنون ما بعد الحداثة

نواجه فى معترك الحياة بمجالاتها الثقافية والفنية والإبداعية تحديات عديدة ومفارقات كثيرة، لكننا نرى أحياناً بصيصاً من الضوء وسط الظلمة، فننتهز الفرصة لتحويل هذا الشعاع إلى طاقة نورانية تُسلط أضواءها لتنثرها فى فضاءات أوسع وأرحب، مما استدعى مخيلة الفنانة د. رانيا يحيى؛ للتوقف عند إحدى التجارب الفنية المهمة فى مجال المسرح، وخاصة أن صاحبها فنان من طراز فريد، مهموم بالتراث الثقافى والإنسانى العميق النابع من الحضارة الفرعونية.

وحمل على عاتقه مسئولية الإبداع الفنى موسيقياً ومسرحياً بتأصيل للشخصية المصرية ومكنوناتها. إنه الفنان انتصار عبد الفتاح، الذى أذنت بداية الثمانينيات بميلاده كمخرج مسرحى متميز صاحب نزعة للتجديد، وأفصحت باكورة عروضه عن موهبة كامنة راسخة بعلم وإرادة، فهو صاحب مشروع ثقافى ثرى، وأعماله الإبداعية تعلن دائماً عن معنى التجريب الحقيقى فى مسرحنا المعاصر منذ تجربته الأولى (العربة الشعبية)، ثم العروض المتوالية (الدربكة)، (ترنيمة).

وتجلى تأثره بالموسيقى خلال مسيرته الفنية، فقدم عمله (كونشيرتو)، (سوناتا)، (سيمفونية لير) وغيرها من العروض المهمة وصولاً لعرضه الأخير (صبايا مخدة الكحل) كعمل إبداعى يجسد فكرة تحرر المرأة وصراعها الأزلى بمضمون فكرى وفلسفى وبعناصر فنية متمايزة لتلبية رؤية عصرية لأحد أشكال المسرح التجريبى، وكل ذلك فى إطار منهج المسرح البوليفونى الذى ارتكز عليه نتيجة لسيطرة عناصر الموسيقى وتقنياتها، فأحسن توظيفها لخلق رؤية مسرحية تختلف عن جميع السياقات المعروضة على الساحة.

وتطوف بنا مؤلفة الكتاب من خلال صفحاته فى رحلة نسبح فيها فوق التقليدى والمألوف لنسبر أغوار فنون ما بعد الحداثة وماهيتها وآراء الفلاسفة حولها، فى الفصل الأول، ثم نقطف من بستان المسرح البوليفونى زهورًا ذات عبير متناثرٍ يحمل عطراً فواحاً يسقط نداه حول تجارب هذا المبدع فى الفصل الثانى، وبعدها ننتقل إلى الفصل الثالث حيث الغوص فى ثنايا العرض الأخير (صبايا مخدة الكحل) وما يحمله من تفصيلات دقيقة تأخذنا فى معية تقنيات فنون ما بعد الحداثة فى إطار منهج المسرح البوليفونى، لنختتم بوضع الرؤية الجمالية التى تتدفق فى هذه التجربة ما بعد الحداثية، كتاب مهم يحمل بين دفتيه المنهج البوليفونى الجديد للمسرح.

السابق
هل يجوز لبس البنطلون للنساء
التالي
يقصد بالفضيات القطع المعدنيه التي تستعمل في تناول الطعام كالملاعق

Leave a Reply