حول العالم

الغرب منقسم حول العقوبات على روسيا

هل قرعت روسيا طبول الحرب بإطلاقها مناورات عسكرية فى شبه جزيرة القرم على أبواب جارتها الغربية أوكرانيا؟ تحذيرات واشنطن لموسكو من فرضها عقوبات اقتصادية قاسية لم تجد نفعا واستمر التصعيد بين موسكو والغرب بوتيرة تبعث على القلق فى الفترة الأخيرة وسط مؤشرات على مواجهة عسكرية محتملة.. كانت كل من الولايات المتحدة وروسيا لعقود حذرتين فى نشر قوات فى أماكن يمكن أن تستفز الطرف الآخر. وتراجع الوجود العسكرى الأمريكى من نحو نصف مليون جندى فى الخمسينيات إلى نحو 300 ألف جندى أثناء تفكك الاتحاد السوفيتي، ثم 63 ألفاً فى الوقت الراهن. لكن قرار واشنطن نشر 8500 جندى فى شرق أوروبا، غيّر هذا المسار التنازلى، وقدم رسالة واضحة لموسكو التى طالبت الحلف بأن يتخلى عن أنشطته العسكرية فى أوكرانيا وأوربا الشرقية وهو ما رفضته واشنطن وحلفاؤها مما أسهم فى زيادة التوتر.

مع تصاعد التوتر بين روسيا والغرب بسبب الأزمة الأوكرانية.. يستعد الحلفاء الغربيون لنوع من المواجهة العسكرية ، حيث يضع الناتو المزيد من القوات فى حالة تأهب ويتطلع لتعزيز أوروبا الشرقية بمزيد من السفن والطائرات المقاتلة.

وهو الأمر الذى يمثل رفضا مباشرا من قبل الحلف لمطالب موسكو بسحب قوات الناتو من بلدان الاتحاد السوفيتى السابقة. فى غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع الأمريكية ، إن حوالى 8.500 جندى أمريكى فى حالة تأهب قصوى وينتظرون أوامر بالانتشار فى المنطقة فى حالة غزو روسيا لأوكرانيا.. من جانبها، تنفى روسيا أنها تخطط لاتخاذ إجراء عسكرى ضد أوكرانيا رغم حشد مئة ألف جندى بالقرب من الحدود بين البلدين.

وإذا عبرت القوات الروسية الحدود إلى أوكرانيا ، فستحتاج دول الاتحاد الأوروبى إلى حل خلافاتها فى الرأى فيما يتعلق بالعقوبات التى ستفرض على موسكو

فقد أعلنت برلين فى ختام مؤتمر عبر الفيديو جمع الرئيس الأمريكى جو بايدن بقادة عدد من الدول الأوروبية، بمن فيهم المستشار الألمانى أولاف شولتس، أن القادة الغربيين جددوا دعمهم «غير المشروط» لوحدة أراضى أوكرانيا وتوعدوا روسيا بـ «عواقب وخيمة» إذا ما شنت «عدواناً» ضد جارتها الغربية، مع ذلك رفضت ألمانيا تزويد أوكرانيا بأسلحة قتالية وفضلت إرسال معدات طبية.

وخلال قمة أوروبية عقدت فى منتصف ديسمبر، اتفق قادة بلدان الاتحاد الأوروبى من حيث المبدأ على فرض إجراءات عقابية ضد روسيا، لكن كان هناك اختلاف حيال ماهية هذه الإجراءات.

فبعض الدول الأوروبية لديها روابط اقتصادية مع روسيا.. على سبيل المثال ترتبط ألمانيا والنمسا والمجر بشكل وثيق بالاقتصاد الروسى أكثر من البرتغال أو هولندا.

ولأن القرارات الأوروبية يتطلب تمريرها بالإجماع، لذا فإن الشيء الوحيد الذى تملكه المفوضية الأوروبية فى الوقت الحالى قائمة بالعقوبات المحتملة فعليا وهى معروفة داخل المفوضية فى بروكسل حاليا.

وفى السياق ذاته، شدد دبلوماسيون أوروبيون على أن هذه العقوبات يتعين أن تنفذ فى غضون 48 ساعة من أى غزو روسى لأوكرانيا.. ولا يزال غير واضح ما هى العقوبات التى يعتزم الاتحاد الأوروبى فرضها على روسيا وهل ستشمل فصل روسيا عن نظام تحويل المدفوعات فى جميع أنحاء العالم الذى يُعرف باسم «سويفت» أو وقف خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» بين روسيا وألمانيا؟..

وتقول أماندا بول الخبيرة الأمنية فى مركز السياسة الأوروبية، إن «فرض عقوبات صارمة على روسيا قد يكون له عواقب على الاتحاد الأوروبى بسبب الترابط الاقتصادي».

ما سيحمل فى طياته «تكلفة يتعين دفعها فى حين لا ترغب بعض بلدان التكتل فى تحمل هذه التكلفة». حيث سيتعين على المسؤولين الأوروبيين النظر فى احتمالية دخول لاجئين من أوكرانيا إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، فضلا عن ضرورة الأخذ فى الاعتبار أن زعزعة الاستقرار فى أوكرانيا قد يؤدى إلى زعزعة استقرار منطقة البحر الأسود بأكملها.
لا يزال المشهد يتسم بالغموض فيما يتفق الخبراء على أن أى رد فعل ضد روسيا يستلزم التنسيق والترابط بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة ليخرج الأمر بشكل موحد.

حتى لا تشعر روسيا أنها مُنحت شيكا على بياض»، حيث تهدف إلى إثارة الخلافات عبر الأطلنطى بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى «بقدر الأهمية التى تمثلها أوكرانيا لها».

وأثارت قضية توسع حلف شمال الأطلنطى شرقا قلق روسيا التى طالبت الحلف بسحب قواته من أوروبا الشرقية بل والتعهد بعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى التحالف كشرط مسبق قبل انسحاب القوات الروسية من الحدود الأوكرانية.

فى المقابل، أكد الحلف أن قرارات الانضمام إلى التحالفات والتكتلات الدولية هى محض قرارات سياسية وسيادية خاصة بكل دولة، مشددا فى الوقت نفسه على عدم تغيير سياسة «الباب المفتوح» الخاصة بانضمام أعضاء جدد إليه..

وشدد الحلف على أن التطورات الأخيرة تُجيز تفعيل قوة المهام المشتركة عالية الجاهزية التابعة للناتو والتى قد تضم حوالى خمسة آلاف جندى فى غضون فترة قصيرة وقد يتم توسيع الأمر فى غضون 30 يوما ليصل عدد الجنود إلى 40 ألف جندى فى إطار ما يطلق عليه «قوة الرد السريع» لحلف الناتو.

ويشار إلى أن مهمة «قوة الرد السريع» للدفاع عن الدول الأعضاء فى الحلف فيما تضع ألمانيا 16 ألف جندى فى حالة تفعيل الناتو هذه القوة. تزامن هذا مع تعهد الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكرى لأوكرانيا مع تصاعد التوتر بين كييف وموسكو واستمرار الحشد العسكرى الروسى قرب الحدود.

اقرأ ايضا | الاتحاد الأوروبي يدعو كازاخستان للتحقيق في سقوط قتلى من المتظاهرين

السابق
نموذج عقد العمل الموحد لوزارة العمل 2022 جاهز للطباعة والتعديل
التالي
بحث عن الرفق بالحيوان

Leave a Reply